«الملف الاقتصادي»… صلب «الاتحاد الخليجي»

2016/12/11

أحمد صباح السلوم

حملت الدورة السابعة والثلاثون للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تشرّفت البحرين باستضافتها خلال الأسبوع الماضي بين طياتها ملفات اقتصادية حيوية لا تقل أهمية عن الملفات السياسية الحساسة التي تم مناقشتها، وعلى رأسها الاتحاد الخليجي الذي سيكون الملف الاقتصادي في واقع الأمر هو قلبه النابض وأبرز ملامحه، فلا يوجد توحد سياسي دون توحد اقتصادي واتفاق على أبرز الملفات والتشريعات الاقتصادية.

هذا الاهتمام الواضح من قبل قادة دول مجلس التعاون بالملف الاقتصادي، من شأنه أن يدعم بكل وضوح مسيرة العمل الخليجي المشترك، وصولاً إلى التكامل الاقتصادي المنشود في مختلف القطاعات الحيوية. ومن شأنه أيضاً أن يسرع بحلم «الاتحاد الخليجي» الذي بات مشروعاً واضح المعالم، سيكون للتعاون الاقتصادي والمضي قدماً في إنجاز خطوات الوحدة الاقتصادية دور بارز في إتمامه أو غلقه دون الوصول للنتائج المرجوة لا قدر الله.

بنظرة سريعة على البيان الختامي يتبين لنا ورود عدد ليس بقليل من البنود الاقتصادية، وهو ما يؤكد على ما ذكرناه سالفاً، من أهمية الملف الاقتصادي كعمود خيمة للاتحاد الخليجي، وسأحاول مختصراً أبرز النقاط التي وردت لدعم التكامل الاقتصادي الخليجي، ولعل أول ما يلفت الانتباه في البيان، هو التأكيد الواضح على حاجة دول مجلس التعاون لإنشاء هيئة الشئون الاقتصادية والتنموية لدول المجلس، بهدف تعزيز العمل الخليجي ‏المشترك، وأكد البيان حاجة دول المجلس إلى تكتل اقتصادي يضعها ضمن أكبر ‏اقتصاديات العالم، ويعزز من فاعلية الاقتصاد الخليجي وقدرته التنافسية والتفاوضية، ‏ويؤكد مكانة ودور دول المجلس في الاقتصاد العالمي.‏

وتكتل اقتصادي مثل هذا، هو خطوة مباشرة نحو تحول دول مجلس التعاون إلى واحدة من أكبر عشرة تكتلات اقتصادية في العالم، رغم تبعات أزمة الهبوط المستمر لأسعار النفط وخفض الإنفاق الحكومي، لكن تبقى دول الخليج قوة اقتصادية عالمية كبرى، بحكم احتياطات النفط، ومستويات النمو، وقوة الإنفاق المرتفعة للمواطنين، وهناك الكثير من الدراسات والإحصاءات المتعلقة بإنفاق السائح الخليجي مثلاً مقارنةً بأي سائح آخر في أي بقعة من الأرض، والتي تصل أحياناً إلى 3 أو 4 أضعاف.

ثانياً تأكيد المجلس الأعلى لدول التعاون في بيانه على أهمية التزام الدول الأعضاء بتنفيذ مشروع سكة حديد دول مجلس التعاون، وقرّر إحالته إلى هيئة الشئون الاقتصادية والتنموية لوضع الآلية اللازمة لاستكمال تنفيذه في موعده المحدد، تحقيقاً لرؤية خادم الحرمين الشريفين.

‌ثالثاً اعتمد المجلس مجموعة من القرارات الاقتصادية المهمة، يأتي على رأسها الموافقة على تبادل المعلومات الائتمانية بين دول المجلس، وفق خطة العمل قصيرة الأجل، والإطار الشامل لآلية تسهيل تبادل المعلومات الائتمانية بدول المجلس.

وكذلك مشروع ربط أنظمة المدفوعات بدول مجلس التعاون، وتأسيس وبناء نظام ربط لأنظمة المدفوعات بدول المجلس، وتفويض مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول المجلس بتملك وإدارة وتمويل المشروع من خلال تأسيس شركة مستقلة. وهو ما سيسهم في ربط أنظمة المدفوعات، وتسهيل تقديم الخدمات المالية لمواطني دول الخليج خلال تنقلاتهم بين دول المجلس، مثل عمليات الدفع الإلكتروني من سداد الفواتير والتحويلات المالية، بالإضافة إلى تسهيل مقاصة وتسوية المعاملات المالية العابرة للحدود بشكل آمن وفعال. ‌وهذا المشروع من المفترض أن يحقّق تطلعات مواطني دول المجلس في توفير بيئة آمنة وسريعة ‏للتحويلات المالية، ويعد هذا الربط خطوة إيجابية للغاية في طريق اعتماد «العملة الخليجية ‏الموحدة»، ‏وهي الخطوة التي اتخذتها دول الاتحاد الأوروبي قبل إقرار اليورو عملة أوروبية موحدة.

وكذلك وافق المجلس الأعلى على قانون (نظام) مكافحة الغش التجاري لدول مجلس التعاون، بوصفه قانوناً (نظاماً) إلزامياً. وبالنظر إلى هذه المجموعة من القرارات في إجمالها، نجدها تؤسّس لعملية تسهيل نقل الاستثمارات بين جميع دول التعاون، دون عوائق وتسهل من العمليات المصرفية وتوحد التوجهات المصرفية في دول مجلس التعاون. وهي خطوات مهمة جداً على صعيد ملف التكامل ومن ثم الاتحاد الخليجي.

وجود البحرين على قمة مجلس التعاون الخليجي للدورة الحالية، يحتم علينا الإشارة إلى نقطتين رئيسيتين، الأولى تتعلق بدفع الملفات الاقتصادية المهمة التي تتبناها البحرين أو طالبت بها على مدى السنوات الأخيرة إلى مقدمة جدول الاهتمام، والمطالبة بالتطبيق الموحد للكثير من القرارات التي صدرت أو ستصدر. وثانياً، وهذه نقطة مهمة للغاية، تتمثل في الدراسة الجيدة والمتأنية لجميع القوانين وخاصة الاقتصادية منها التي ستصدر محلياً في الفترة القادمة، بحيث يراعى فيها المواءمة مع توجهات قادة دول مجلس التعاون نحو الاتحاد الخليجي، وبالتالي الابتعاد عن القوانين المتطرفة اقتصادياً أو تلك التي لا تحظى بتوافق خليجي عام، للإبتعاد عن التضارب التشريعي المتوقع في مثل هذه الحالات، والاقتراب من نقاط التوافق والاتحاد في مضامين هذه القوانين، والقضاء على عشوائية الطرح، إلى جانب ضرورة الاستئناس برأي القطاعات ذات الاختصاص قبل إصدار القوانين.

في نهاية حديثي، لا داعي لأن أؤكد على خصوصية وحساسية المرحلة التي تعيشها جميع دول مجلس التعاون حالياً، فالجميع يرى من حولنا بحراً متلاطم الأمواج يضرب في المنطقة بأسرها، شمالاً وجنوباً، وشرقاً وغرباً، ولكنني أؤمن بوعي قيادة دول مجلس التعاون نحو الاتحاد والتضامن، وقدرتها على التصدي لتحديات إقليمية وعالمية كبيرة.

لا أشك أبداً في أنه بالوحدة والعمل المشترك ستستطيع دولنا من المضي قدماً في طريق النمو والنجاح، والعبور من عنق الزجاجة الراهن.


فرن المايكروويف والأمراض الغامضة

2016/12/11

سهيلة آل صفر

لقد انتشرت استعمالات فرن المايكروويف، واقتناه الكثيرون لرخص ثمنه، ولسهولة استعماله وسرعة أدائه؛ ولكننا لم نسمع بمضاره وخطورته من الجهات الرسمية إطلاقاً، وحيث أن عملية الطبخ تتم بواسطة (أشعة المايكروويف) فلابد أنها تحوي تلك الصفات السيئة للإشعاعات، مهما قالوا إنها صغيرة، وغير نافذة، فذلك كلامٌ غير صادق.

ولم أتصور بأن مضاره كارثة حقيقية، حيث كنت أستعمله أحياناً للتسخين فقط، إلى أن فكرت في البحث يوماً لأفاجأ بتلك الأعراض والأمراض المخيفة، ورميته بعدها بالحال، ودعوني أشرح لكم بالبرهان مع هذه التجربة لترينا ماتفعله تلك الأشعة في أجسامنا، فإذا ما اخترنا وعاءين من نباتات الزينة وبنفس الحجم، وقمنا بتسخين بعض الماء في المايكروويف، وتبريده، وسقينا أحدهما بذلك الماء، والآخر بماءٍ عادي، سنرى في غضون عدة أيام بأن التي رويناها بماء المايكروويف قد ذبلت وماتت، بينما الأخرى لم تتأثر،

نعم لقد قتلت الأشعة كل العناصر الحيوية الموجودة في الماء واللازمة للحياة.

ويحدث مثل ذلك في أجسامنا تماماً في كل مايتم تسخينه أو طهيه من طعام، وتشير الأبحاث إلى خطورة هذا الفرن، وبقتله كل العناصر الغذائية المفيدة في الأطعمة والمشروبات من ڤيتامينات ومعادن وبروتينات، ويصبح الغذاء كالكارتونة الناشفة في أمعائنا، وأثبتت الأبحاث بأن من يتناولون الأغذية المطهية به بعد فترة يصابون بالاضطرابات المعوية، والإسهال أو الصداع والغثيان، وبحاجة إلى الدواء للتخفيف من حدة تلك الأعراض، وأنه على المدى البعيد قد تمتد أضرارها إلى الجهاز العصبي من التوتر والقلق والنسيان، والاكتئاب! وليس ذلك فحسب؛ بل أن تأثيراته تتجاوز ذلك بانتقال الأشعة بعد بلع الطعام إلى المعدة، واستمرار إشعاعه داخلها، وإصابة الأعضاء المحيطة، والتسبب بالسرطانات المنتشرة في هذه الأيام. وحيث أن هذه الأفران تكثر في المطاعم للسرعة، فلنا أن نعرف سوء حظ من يتناولون وجباتهم في الخارج، ومدى تشبعهم بتلك الأشعة، وكان الله في عونهم.

وإذ أتساءل: كيف لم يتم منع ذلك الفرن من قِبَل المنظمات الصحية العالمية؟ وأين وزارات الصحة والتي لاتتدخل في أي إرشاد أو منع أو بحث؟! وقد أحاول الإجابة على تساؤلاتي هذه بأن العالم قد أصبحت بيئته مليئة بالملوثات من الماء والهواء والإشعاعات، والتي يتعرض لها البشر يومياً من الحروب والتفجيرات وحرائق البترول وأبراج الهواتف المشعة على أسطح منازلنا، ودون توعية أو حماية للساكنين تحتها، والنقال والآيباد وأجهزة الكشف في المطارات، وتدخين السجاير والشيشة والكحوليات والمسكنات … إلخ

وأشياء كثيرة أخرى منتشرة في كل مكان، (فما المشكلة مع فرن إشعاعي يُضاف إلى ألقائمة المُهملة!)

وهكذا تسير البشرية في عالمنا المسموم جنباً إلى جنب مع الإنسان، الذي على رغم تقدمه العلمي والطبي، إنما لايزال مكبلاً بزيادة الأمراض تنوعاً وخطورةً و بنسب مهولة، من إذاً سينقذ البشرية من كل هذه الموبقات والدمار التجاري المقبل؟ وإجابته هي عند الإنسان، فمثلما بدأها فعليه أن يُصلحها بأن يكون الكل فرداً فاعلاً لحماية نفسه والمجتمع! فنحن نكمل بعضنا البعض في أن يكون قارئاً ومُتابعاً نهماً وراصداً وناشراً لكل صغيرة وكبيرة في كل مايراه ضاراً في محيطه، والمثابرة على نشر كل الوقائع والأبحاث التي يتوصل إليها،

وأن تؤمن الحكومات الحد الأعلى من التأمين الصحي، والإرشاد للوقاية من الأمراض الإشعاعية والتي خُلقت حديثاً، والتوعية المستمرة في كل المجالات الحساسة، والرفع من كفاءة مستويات وزارات الصحة والتعليم أساساً، وإيقاظ حماية المستهلك وتوابعها، وإعطاء الحرية لشعوبها لتنادي بحقوقها في تأمين سلامتها من الملوثات في عالمنا، وتطبيق المنع على كل ماهو ضار، فالحياة أجمل ماتكون حينما نعلم مايحيط بنا من سماء وأرض، ونعرف بالعلم والمجهود كيف نحافظ عليها.


غياب الاستماع لأصوات الشباب العربي تحذير آخر

2016/12/11

ريم خليفة

يُعدُّ الشباب وقود المجتمعات، وتطورها الساعي إلى التحول والتغيير والتنمية. وتأتي تقارير التنمية الإنسانية العربية التي صدرت منذ العام 2002 حتى اليوم بوصلة للحكومات لقراءة النواقص في البُنى المجتمعية العربية التي تعوق بناء التنمية الإنسانية، وحضّها على معالجتها.

وعلى رغم ما يأتي في هذه التقارير، إلا أنَّ الحكومات العربية مازالت بعيدة عن الحلول والتحذيرات، وما أنجز إلا القليل منها، إذا تم الأخذ في الاعتبار جديَّة ما هو مطروح.

وتقرير العام 2016 الذي أطلق حديثاً في العاصمة بيروت بالجامعة الأميركية، والسادس تحت عنوان: «الشباب وآفاق التنمية الإنسانية في واقع متغير»، جاء ضمن سلسلة تقارير سابقة تنبأت بثورات وانتفاضة الربيع العربي في العام 2011.

ولكن في هذه المرة جاء لينوه وينذر بأهمية الاستماع إلى أصوات الشباب العربي، وجعله جزءاً لا يتجزأ من التنمية، وأيضاً بتوفير مساحة مشتركة للحوار، وفي صنع القرار، إذ مازال نحو 60 في المئة من سكان البلدان العربية تحت سن الثلاثين. وهذا لا يتم إلا من خلال إصلاحات ثلاثة، هي: السياسات الناظمة للعقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها، وهيكلة الاقتصاد الكلي بعدالة ودون تمييز، السياسات القطاعية، مثل: التعليم، والصحة، والتوظيف، وأخيراً السياسات الوطنية المعنية مباشرة بالشباب، وضمان مشاركتهم في وضع السياسات العامة.

التقرير الذي يُعدُّ ضمن فريق مستقل بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، جاء صدوره بعد 5 أعوام على الربيع العربي، إذ انقسم المشهد العربي بين من رأى فيه بارقة أمل للنهضة في المنطقة، وآخر اعتبره تمرداً جرَّ المنطقة برُمَّتها إلى فوضى ومستقبل خطر.

وللتذكير فقط فإنَّ أول التقارير في العام 2002، ركز على مسائل «الحرية والتعليم وتمكين النساء»، وتناول الثاني في العام 2003 «نقص المعرفة في العالم العربي، وتحديداً علاقة الرابطة بين الدين والتعليم الحديث»، وركز الثالث في العام 2004 على «الحرية في العالم العربي»، مناقشاً «نظم الحكم، وأشكال استغلال السلطة، والأبعاد القانونية والمؤسساتية والدينية للإصلاح السياسي»، وتوقف الرابع عند قضية «عدم المساواة الاجتماعية بين الجنسين كعائق أمام التنمية الإنسانية في العالم العربي». وتناول التقرير الخامس العام 2009 قضية «أمن الإنسان في الدول العربية»، ليخلص إلى أن «قلة الأمن من أهم المعوقات التي تؤخر التنمية في العالم العربي».

وإذا كانت بعض التقارير السابقة شديدة الوطأة على الحكام العرب، وصاعقة لهم بتأكيدها وبالأرقام أن «العرب متخلفون عن مسيرة العالم» إلى حدٍّ جعل بعضهم يتظلم من أن ما يرد في هذه التقارير هو «لسان الغرب لكن باللغة العربية»، ونكران بعضهم الآخر المواجع التي تستفحل في الجسم العربي المريض، فإن أحداث 2011 وما تبعها أكدت أحقيَّة ما كانت تنادي به التقارير الأربعة ومن خلفها الباحثون العرب، ليظهر التقرير الأخير مدى الحاجة الماسة إلى الاستماع إلى الشباب العربي الذين يمثلون 60 في المئة من سكان المجتمعات العربية، ورغبتهم الجادة في المشاركة في التغيير من خلال إعطائهم الفرص.

في حفلة إطلاق التقرير، قال رئيس الجامعة الأميركية في بيروت فضلو خوري «إن الشباب العربي لا ينتظر اتفاقاً أميركيّاً – روسيّاً على بلدانهم لصنع مستقبلهم، هم لا يريدون عملية إنقاذ، إنما يريدون منحهم الفرصة لصنع مستقبلهم. فالتقرير الذي يدعو الدول العربية إلى الاستثمار في شبابها، وتمكينهم من الانخراط في عمليات التنمية، و»أن ما يقارب ثلث سكّان المنطقة هم من الشباب في أعمار 15 – 29 سنة (يقدر عددهم بأكثر من مئة مليون)، وهناك ثلث آخر يقل عمرهم عن 15 سنة ما «يوفر فرصة تاريخيَّة يتحتّم على البلدان العربية اغتنامها»، وفق مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هيلين كلارك.

يجزم التقرير بأن موجة الاحتجاجات التي اجتاحت بلداناً عربية منذ العام 2011 وكان الشباب عصبها، أفضت إلى تحولات كبيرة عبر المنطقة كلها.

ويُعدِّد التقرير، في الجانب المضيء من هذه التحولات، أن بعض البلدان شهدت وضع دساتير وطنية جديدة، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتوسيع نطاق المشاركة العامة لمجموعات كانت مستبعدة في السابق.

كما يستكشف التقرير تحديات كثيرة يواجهها الشباب في المنطقة العربية، فلايزال كثيرون منهم يتلقّون تعليماً لا يعكس احتياجات سوق العمل، فيما أعداد كبيرة منهم، ولاسيّما من الشابات، عاطلون من العمل ومستبعدون من الاقتصاد الرسمي. ومن دون موْرد رزْق، فيجد الشباب صعوبة كبيرة في تحقيق تطلعاتهم المشروعة في الزواج والحصول على سكن ملائم.

أما عن موجة التطرف في أوساط الشباب، فقد أوضح منسق التقرير عادل عبداللطيف (مستشار شئون السياسات – المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الانمائي) أن موضوع التطرف ليس جديداً على المنطقة العربية، وشهدت العقود الماضية ممارسات عنف باسم الدين أو بوسائل أخرى لتغيير السلطة، لكنها اكتسبت بُعداً جديداً مع ظهور تنظيم «داعش»، مشيراً الى أن بين المتطرفين متعلمون. كما أن المشاركة السياسية للشباب موضوع مؤجل، فالأولوية كانت دائماً للتنمية الاقتصادية، واستمر الحكم على حاله، ولم تحصل مشاركة سياسية، إنما بقي الشباب الجانب المتلقي فقط.

ويقول إنه بغضِّ النظر عما حصل بعد مشاركة الشباب في الربيع العربي، فإن هناك نقاطاً مضيئة، في تونس تمَّ صوغ دستور، وفي الكويت صار للناس رأيٌ يعبرون عنه في الانتخابات مخالفٌ لرأي السلطة. وباتت كل حكومة تريد اتخاذ قرار ما تتوقع ضغط الشارع، ولم يعد صانع القرار منفرداً كما السابق، وكان يتمتع بتفرده، وبعد 2011 تغيرت الأمور، ولو أنَّ حكومات استوعبت هذه المسائل قبلاً، وغيرت من خلال الانتخابات لكانت الأمور في الدول العربية اتخذت منحىً آخر، ولو أخذت مطالب الشباب في حينها في الاعتبار، ولم يتم نكران استطلاعات رأي (كأن يتم حذف أسئلة من استطلاعات الرأي من جانب حكومات قبل المباشرة فيها) وقمع احتجاج في الشارع، لكانت الأمور مختلفة.

التقرير حذَّر من أن مواصلة «تجاهل أصوات الشباب وإمكاناتهم، والاكتفاء بمبادرات صوريّة أو مجتزأة لا تغيّر واقعهم، يذكيان اغترابهم عن مجتمعاتهم أكثر من أيّ وقت مضى، ويدفعانهم إلى التحوّل من قوة بنّاءة في خدمة التنمية إلى قوة هدّامة تساهم في إطالة حال عدم الاستقرار، وتهدِّد أمن الإنسان العربي بمختلف أبعاده، التي أثارها تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2009، في شكل خطير قد يُجهض عمليَّة التنمية برمّتها».

وهو يدعو إلى إعادة صوغ السياسات العامة في البلدان العربية، على المستويين الكلّي والقطاعي، بشأن نموذج جديد للتنمية، جدير بالشباب في ظلّ الواقع المتغير الذي تعيشه المنطقة اليوم على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. وان لم يحدث ذلك قد ينذر بموجة احتجاجات أخرى جديدة، وخاصة في ظل استمرار الحروب وحركات الصراع، وارتفاع الأسعار، وفرض الضرائب الجديدة في ظل غياب كلي لدور وصوت الشباب العربي الذي يصبح ضحية لسياسات التبعية أو التطرف القاتل أو الإحباط.


حقوق الإنسان لا تقبل التلاعب أو التأجيل

2016/12/11

قاسم حسين

يعيد الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان يوم العاشر من ديسمبر، التذكير بالأساسيات المنسية التي مازلنا نتجادل حول تطبيقها في العالم العربي.

هذه الحقوق أصبحت من أساسيات حياة الشعوب الأخرى، فلا يتناقشون في تطبيقها أو تأخيرها أو الالتفاف عليها، فهي ليست منحةً من الحكومات لتتفاخر بها، وإنّما هي حقوق عالمية أساسية، واجبة التطبيق.

هذه الحقوق نتفنّن في التملص منها، ويحاول بعض المنتفعين من غياب الحريات تفنيدها كلما أصبحت الشعوب أمام أحد استحقاقاتها، بحجة الخصوصية حيناً، وعدم مناسبة الأوضاع حيناً آخر. بينما هي اليوم أساسٌ تقوم عليه حياة المجتمعات المتماسكة التي لا تحتقر الإنسان للغته أو جنسه أو دينه أو لونه أو مواقفه السياسية. فلا يمكن أن تقوم مجتمعات في هذا العصر وهي متخلخلة ومفكّكة من الداخل، حيث تتطاحن مكوناتها في صراعات لا تنتهي، من أجل فرض بعضها إرادتها وأفكارها على البعض الآخر.

لابد من الاعتراف بوجود كافة المكوّنات، في ظل احترام كامل لجميع حقوقها، دون تمييز أو اضطهاد أو استئثار بالقرار والمال والامتيازات. وهذا هو الدرس الأكبر الذي يقدّمه لنا الوضع الدامي في العراق وسوريا واليمن وليبيا… وكافة الدول التي هبّت عليها رياح التغيير والمطالبة بالحريات والكرامة والخبز، دون إذلال أو استغلال.

إن هذه الحقوق حقوق إنسانية شاملة، لا تقبل المساومة ولا التأجيل، وكل تأخيرٍ إنّما سيتسبب في خلق مآسٍ قادمة سيحفل بها المستقبل غير البعيد، وسيدفع ثمنها أطفال اليوم، الذي سيطالبون بعد عشرة أعوام، بمزيدٍ من الحريات التي عجز آباؤهم عن تحقيق ولو الحد الأدني من احترام حقوق البشر بعد انتكاسات الربيع العربي المخزية.

الأمم المتحدة تؤكّد تزايد النزاعات في عصرنا الراهن، والتي يزدهر معها «خطاب الكراهية»، وتتبناه مؤسسات رسمية وشبه رسمية، مسكوت عنها في الكثير من الدول، فمن يزرع الريح لن يجني إلا العاصفة. كما تدعو للدفاع عن فئات المجتمع المدني التي تواجه ما أسمته «تدابير صارمة متزايدة» بهدف منعها من أداء دورها الحيوي. ومقابل هذا المسار الخاطئ في التاريخ، يمكن أن نبني مستقبلاً يقوم على القيم المشتركة، كالمساواة والكرامة الإنسانية، التي لا ينبغي أن يجادل فيها أحد أو يتلكأ في تطبيقها أو الالتفاف عليها.

في أدبيات الأمم المتحدة، فإن التمسك بحقوق الإنسان في مصلحة الجميع. وعلى خلاف ما يعتقده بعض قصار النظر من المنتفعين من ديمومة النزاعات الأهلية، فإن احترام حقوق الإنسان يساهم في تحسين رفاه الفرد، وتحقيق الاستقرار لكل المجتمع. وبمقدور كل شخصٍ المساهمة من موقعه، في إحداث تغيير إيجابي في مجال حقوق الإنسان، كما تقول هذه الأدبيات، سواءً في أحيائنا السكنية، أو المدرسة، أو مكان العمل، أو وسائط التواصل الاجتماعي، أو حتى في بيوتنا، حين نحترم حقوق العاملات الأجنبيات اللاتي اضطرتهم ظروف الحياة والفقر إلى الهجرة للعمل في بلدان تقع على بعد آلاف الكيلومترات، من أجل كسب قوتهن وضمان تعليم أطفالهن، وتدبير شئون أسرهن المنهكة.

إنها تذكّرنا بأن الاعتراف بـ»الحقوق المتساوية الثابتة لجميع أعضاء الأسرة البشرية هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم».


الطبقة الوسطى: هل تصمد

2016/12/11

جعفر الصائغ

يتفق علماء الاقتصاد والسياسة على أن الطبقة الوسطى ‹›middle class›› تلعب دوراً محورياً في التنمية، وأنها صمام الأمان لتقدم وازدهار المجتمع اقتصاديا واجتماعيا، فكلما اتسعت هذه الطبقة وأصبحت أكثر استقرارا كلما ارتقى المجتمع الى مستويات أفضل وأرقى في النمو والتقدم، وأصبح قادرا على تحقيق أهدافه الاستراتيجية والتقدم الى مصاف الدول المتقدمة. وعلى ذلك ينصح الاقتصاديون متخذي القرار السياسي بضرورة الاهتمام بهذه الطبقة وحمايتها، والعمل على توسعتها لتشمل أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع.

إن النظام الاقتصادي الذي يفشل في حماية وزيادة هذه الطبقة يكون نظاما فاقدا للحكمة والرؤية الاقتصادية البعيدة المدى ونظاما يتميز بالفوضى وسوء التدبير. هذه الطبقة التي يجب أن تكون محمية وتحت الرقابة المباشرة من قبل مهندسي النظام الاقتصادي، هي مصدر النمو والازدهار والاستقرار الأمني والاجتماعي ومصدرا رئيسيا للابتكار والابداع.

الطبقة الوسطى التي اجتهد علماء السياسة والاقتصاد والاجتماع في تعريفها وتفسيرها وتحديد دورها في التنمية ألفت عليها كتب ونظريات، ولاتزال تشغل فكر المحللين والكتاب. فمنذ عام 1775 عندما أطلق عليها هذا الاسم الكاتب الإيرلندي جيمس برادشو والذي قال انها تتوسط موقعا بين طبقة النبلاء وطبقة الفلاحين في أوروبا، وحتى يومنا هذا لاتزال هناك اجتهادات عديدة تتعلق بالمفهوم وفلسفة ودور هذه الطبقة. عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر عرفها بأنها الطبقة التي تجلس في وسط الهرم الاجتماعي، اي أنها تكون بين الطبقة العاملة الشعبية الكادحة الفقيرة والطبقة العليا الثرية الارستقراطية البرجوازية والتي تتمتع بفوائض مالية ضخمة. وقد ذهب بعض المفكرين إلى أن هناك عوامل رئيسية تعمل على التحديد الطبقي للمجتمع تشمل ملكية الأرض، وملكية رأس المال، والنسب، واستقلالية المنصب ومواقع القوة.

إن تمركزها الاجتماعي الوسطي له مؤشرات كثيرة منها مستوى الدخل، حيث تتمتع بمستوى دخل يمكنها من ممارسة دورها في الاستهلاك العام حيث تمثل عنصرا أساسيا في حجم الطلب العام ومن ثم الداعم الرئيسي لنمو الناتج المحلي الإجمالي. كما تتمتع بقدرة إجمالية على الإدخار ومن ثم الاستثمار وزيادة حركة دوران رأس المال. كما تتمتع هذه الطبقة بمستوى جيد من التعليم والثقافة والمعرفة والمهارات العملية التي تمكنها من شغل الوظائف التي يخلقها الاقتصاد الوطني في القطاعات المختلفة، الأمر الذي يعني بأن صاحب القرار الاقتصادي يعتمد اعتمادا كليا على أفراد هذه الطبقة كأداة اقتصادية هامة في عملية تنفيذ الخطط والاستراتيجيات الاقتصادية وهي بذلك تمثل الضمان لبناء مستقبل زاهر للأجيال القادمة.

في الاقتصادات المستقرة يتم التعامل مع مكونات هذه الطبقة على أنها خزينة من رأس المال البشري المثقف الواعي أو كما سماها البعض بأنها ذات رأس ماليا ثقافياً. أي أنها العمود الفقري للمجتمع لما لها من مساهمة اجتماعية اقتصادية فعالة. وقد ذهب الكاتب برادشو إلى وصف هذه الطبقة بالرأسمالية التي صارعت طبقة النبلاء وقادة الثورة الفرنسية حيث نجحت في الإطاحة بالنظام السياسي القديم، وذلك بفضل ما تمتلكه من مال ووعي وعلم وثقافة.

إن ما يميز طبيعة هذه الطبقة هي أن حجمها يتغير بشكل دائم ويعتمد نموها على تحسن ونمو الاقتصاد الكلي والوضع المالي للبلد، وأن حجمها قد يتناقص مع ضعف البيئة الاقتصادية وسوء استخدام الموارد المتاحة وعدم ملاءمة السياسة الاقتصادية. فكلما ازدهر الاقتصاد وتحسن وضعه المالي وتنوعت مشاريعه التنموية ومصادر الدخل وزاد الاستثمار في قطاعات التعليم والصحة نمت هذه الطبقة وأصبحت قادرة على استقبال قادمين جدد من الطبقة الأدنى الفقيرة.

إن نمو هذه الطبقة وتحسن وضعها المعيشي وقدراتها المهنية والعلمية مرهون بوجود استقرار اقتصادي وسياسي واجتماعي، وبتبني سياسة اقتصادية فعالة وقادرة على استغلال الموارد المتاحة في تنويع القاعدة الانتاجية بحيث لا يعتمد الاقتصاد على قطاع معين وإنما على القطاعات الاقتصادية المختلفة.

في دول مجلس التعاون اجتهد الكثير من الكتاب والمحللون في تحديد وتعريف الطبقة الوسطى، وقد ذهب البعض منهم الى القول بأن الثراء الذي يتمتع به المجتمع الخليجي بفضل وفرة الموارد النفطية والطفرة في أسعار النفط في بداية العقد السابع من القرن الماضي ونعمة الاستقرار الاقتصادي، ساهم بشكل كبير في انكماش الفقر وزيادة عدد الأثرياء، حيث أن متوسط دخل الفرد في هذه الدول شهد طفرة هائلة خلال العقود الأربعة الماضية، وقد تتجاوز مثيلاته في الدول المتقدمة. وعلى ذلك، يعتقد البعض أن الطبقة الوسطى الخليجية تمثل تقريبا 80 في المئة من المجتمع الخليجي.

إنه، وفي ظل غياب المعلومات والمؤشرات الدقيقة، يصعب على الباحث تحديد نسبة وحجم هذه الطبقة، فلا يوجد لدينا معايير ومؤشرات اقتصادية يمكن الاستعانة بها في تحديد الحجم الطبقي، وحتى خط الفقر، وهو مؤشر هام في التعرف على المستوى المعيشي لأي بلد، غير معرَّف في دول المجلس، وكذلك بالنسبة الى حد الأدنى للأجور، فليس هناك معايير ثابتة ومتفق عليها في هذه الدول.

إن مقاييس تحديد الطبقي يختلف من مجتمع إلى مجتمع آخر باختلاف الثقافات وحجم وطبيعة الاقتصاد. فعلى سبيل المثال يعرف البنك الدولي الدول الفقيرة بأنها تلك الدول التي ينخفض فيها دخل الفرد عن 600 دولار شهريا، بينما برنامج الإنماء للأمم المتحدة أضاف معايير أخرى تعبر مباشرة عن مستوى رفاهية الانسان ونوعية الحياة. وفي الكويت مثلا وبحسب معايير الأمم المتحدة وقياسا إلى متوسط دخل الفرد قد تكون الأسرة المكونة من 5 أفراد تحت خط الفقر في حال كان مدخولها الشهري أقل من ألف دينار، فالفقير في بنغلادش أو الصومال لا يُقاس بالمقاييس نفسها التي يقاس بها الفقير في أوروبا أو أميركا الشمالية أو أي دولة متقدمة أخرى.

إنه، ولغرض معرفة حجم الطبقة الوسطى، ينبغي معرفة طبيعة النظام الاقتصادي ومصادر التمويل الأساسية الذي يعتمد عليها هذا النظام. ففي دول مجلس التعاون تلعب الدولة دورا محوريا في توزيع الايرادات النفطية، وذلك من خلال الميزانية الحكومية، وهي الأداة الاقتصادية الأساسية بل الوحيدة التي تستخدمها الدولة بفاعلية في عملية تنفيذ سياساتها الاقتصادية وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

فمن خلال هذه الأداة تقوم الدولة بتوزيع الإيرادات على القطاعات الاقتصادية وضخ السيولة كلما احتاج الاقتصاد لذلك. فالاقتصاد الخليجي يعتمد بشكل أساسي على المصروفات الحكومية، والتي تعتمد على الإيرادت النفطية. ما يعني أن النشاط الاقتصادي والمستوى المعيشي للفرد مرتبط بشكل كبير على أسعار النفط في الأسواق العالمية، فكلما ارتفعت هذه الأسعار كلما ارتفعت الايرادات النفطية وأصبحت الدولة قادرة على ضخ المزيد من السيولة في الاقتصاد لتزيد من النشاط الاقتصادي وحركة دوران رأس المال، ويزداد بذلك متوسط دخل الفرد. والعكس صحيح تماما فعندما تنخفض أسعار النفط تتقلص قدرة الدولة على ضخ السيولة ما يؤدي إلى انكماش الاقتصاد وانخفاض متوسط الدخل، ويزداد عدد الفقراء. وهذا يعني أن حجم الطبقة الوسطى أصبح مرهون بحجم الايرادات النفطية، فقد تصل نسبتها إلى 80 في المئة من المجتمع الخليجي، عندما تكون أسعار النفط مرتفعة، وقد تضمحل وتصل إلى 30 في المئة عندما تنكمش تلك الأسعار. أي أن هذه الطبقة في الاقتصاد الخليجي معرضة دائما إلى هزات كبيرة وخطيرة وخاصة أن نظامنا الاقتصادي مرتبط بمتغيرات اقتصادية وسياسية دولية. كما أنه يمكن القول أنه وخلال فترة الازدهار، فإن الطبقة الفقيرة في دول المجلس قد يعادل مستواها المعيشي الطبقة الوسطى في مجتمعات أخرى، وخاصة أن هذه الطبقة تتمتع بمستوى تعليمي ومهارات تمكنها من المساهمة في النشاط الاقتصادي.

إنه، وبفضل الإيرادات النفطية الضخمة، فقد نجحت اقتصاديات دول المجلس خلال العقود الأربعة الماضية في تكوين طبقة وسطى واسعة يتسع حجمها مع زيادة التدفقات النفطية، كما نجحت أيضا، في صناعة أثرياء من العمالة الوافدة وحولتهم من أسر فقيرة منعدمة الدخل إلى الطبقة الوسطى في مجتمعاتها. إن استقرار هذه الطبقة أصبح مرتبطاً باستقرار أسعار النفط الذي انخفض من 140 دولارا في نهاية عام 2014 إلى سعره الحالي وهو 51 دولارا للبرميل. وسيكون لذلك نتائج سلبية على استقرار الاقتصاد ونموه. لا تتحمل الحكومات وحدها المسئولية في تراجع الطبقة الوسطى، فالأفراد يتحملون جزءا من المسئولية أيضا، فهناك غياب لثقافة الادخار والاستثمار، وشيوع ثقافة الاستهلاك غير الانتاجي.


الدلع النضالي

2016/12/11

طارق مصاروة

نقترح على جامعاتنا المحترمة أن يكون مطلع الاسبوع القادم يوماً لمشروع المفاعل النووي البحثي في جامعة العلوم والتكنولوجيا: فكرة المشروع, اسبابه, انعكاساته على الابحاث والمعالجة الصحية والزراعية والريادة العلمية, كلفته.. ونظرة مجتمعنا الى مثل هذه المشروعات العلمية المتقدمة. وعلينا أن نتذكر ان طلابنا واصدقاءهم في الجامعة هاجموا الانشاءات المعمارية في مطلع «الربيع العربي» ودمروا «الباطون» وهو «اخضر», وهياكل «الطوبار» الخشبي, وشربنا تخريج «المناضلين» بالصحة والعافية, وخرج «الابطال» من الجامعة دون أن يعرفوا معنى تدمير مثل هذه المنشأة الرائدة.

علينا ان لا ننسى مثل هذه الظواهر المشينة في تفكيرنا السياسي. فهناك من يستغل الاحزاب السياسية, وشبكة منظمات المجتمع المدني التي تمولها مؤسسات اجنبية, ويسرق أموالها.. ولا يجد أمامه, ليستر فساده, سوى شتم الدولة-ولا نقول الحكومة-واتهامها بالفساد. واذا احصينا التخريب الفكري لكل شيء في بلدنا لاكتشفنا أن فكرة قناة البحرين مثلاً هي, عند كثيرين, مناسبة للسرقة والفساد. وأن المشروع سيدمر البحر الميت ويحوّله الى.. حليب, وهو يعطي اسرائيل فرصة التحكم بمياه الشرب التي يولدها المشروع.. وما الى ذلك من التخاريف. والذين يقيمون القيامة على شراء غاز الشركة الاميركية في شرق المتوسط بأنه «غاز اسرائيلي» ان يفهموا ماذا يجري من تحالف اسرائيلي-يوناني-قبرصي في مشروعات غاز المتوسط. وشراء شركتين يونانيتين لحقلي غاز في الجبهة الاسرائيلية من شرق المتوسط, ولم يفكر أحد من «المفكرين القوميين» كيف نتكاتف مع مصر ودولة فلسطين (قطاع غزة) لاستثمار مصري-اردني-فلسطيني لحقول الشاطئين المصري والفلسطيني.

.. المهم أن نحوّل كل شيء الى اعتصام, أو تظاهرة وكأن الشعوب تعيش على «مخرجات» الشارع واللافتات, والشعارات الكلامية. ولعل اعتصام عائلات سجناء اردنيين وفلسطينيين امام وزارة الخارجية, والتهديد بالاضراب عن الطعام لفرض الافراج عنهم من السجون الاسرائيلية.. الامر الذي لا يحتاج الى القناعة بأن قضايا عدد من السجناء في اسرائيل لا يحل باصدار «أوامر» من وزارة الخارجية الاردنية الى حكومة اسرائيل باطلاق سراحهم, أو بإعلان الحرب على اسرائيل. فمثل هذا السلوك لا يوجه الضغوط إلا على الحكومة الاردنية.. واظهارها بمظهر العاجز عن الدفاع عن افراد قرروا-وحدهم-التصرف دون أي علاقة بحكومتهم.. ثم نتهم الحكومة بالتقصير.. وربما بما هو اكثر من ذلك.

هناك ظواهر في بلدنا لا يمكن استمرارها, وعلى الذين اقاموا علاقاتهم مع دولتهم بروح الابتزاز, أن يفهموا أن للدولة هيبتها, وأن الضرب تحت الحزام يستوجب تدخل القوة لحماية المجتمع والشعب ومصالح الأمة.. وعلينا أن نوقف الدلع «النضالي» بما يستحقه من الحزم.


الوعي السياسي عند الشباب بات ضرورة

2016/12/11

د. محمد مصطفى علوش

تزاد أهمية وجود الوعي السياسي عند الشباب العربي يوما بعد يوم. فالمتغيرات والتحولات السريعة والتحديات التي واجهت الأمة العربية منذ انطلاق ما يعرف بالثورات العربية التي طالت كل أركان المجتمع العربي ومزقت نسيجه في بعض البلدان، وعدم وجود عدد كاف من وسائل الإعلام الموضوعية والمسؤولة بشكل تقدر معه على تغطية الأحداث وتحليلها للمتلقي أو ملء الفراغ التوعوي الذي تخلفه يوميا المؤسسات التعليمية ودور العبادة وما دونها، وما تتعرض له مؤسسات المجتمع المدني من ضغوط سياسية مستمرة لجرفها عن أهدافها وتحويلها إلى أذرع يعتمد عليها في حلبة الصراع المفتوح بين القوى السياسية المتنازعة على السلطة. كل هذه الأمور تجعل الحاجة أكثر إلحاحًا لتكوين جيل عربي جديد يملك من الوعي السياسي قدرًا يساعده في التغلب على العقبات التي يعجز عن رفعها جيل شبابنا اليوم. ويقيني لو كان الشباب العربي في مصر على قدر كاف من الوعي السياسي لما سمح لثورة 25 يناير أن تجهض، ولما سمح أيضًا للتطرف الذي يحاول ملء الفراغ السياسي في مصر، بالتكون أصلًا. لقد كان في استطاعته الحدّ من تغول الدولة على الحريات العامة والخاصة لو كان مستعدًا لأخذ زمام المبادرة. وما يقال في الحالة المصرية يقال في الحالات العربية الأخرى.

ونقصد بالوعي السياسي هو ذاك الوعي الذي يتظهّر بوجود شخصية سياسية مستقلة للشاب تحثّه على الاندفاع نحو المجتمع، متفاعلا مع قضاياه بشكل إيجابي، وصولا إلى العمل ضمن الأنساق الجماعية لقوى المجتمع.

ومصادر تكوين الوعي السياسي عديدة في عالمنا اليوم، وهي باختصار البيت، والمؤسسات التربوية العامة والخاصة، ومؤسسات المجتمع المدني، وجماعات الرفاق، ودور العبادة، ووسائل الإعلام التقليدي والجديد، والقراءة والخبرة الخاصة للفرد.

وتحصيل المعرفة بالقضايا السياسية المحلية والإقليمية والدولية ليست بالضرورة تفضي إلى تشكيل الوعي السياسي، فضلا عن نضوجه. فالحال عسير، في ظل تنافس الأيديولوجيات السياسية على اختلاف أنواعها وتوجهاتها ودرجات تشددها على استعمال نفس الوسائل والأساليب لمحاصرة المرء أينما حلّ وكيفما اتجه. وقد لا تتركه قبل أن تفترس عقله، وتسلبه القدرة على التفكير المستقل بعيدا عن أدبياتها ومنطلقاتها. وما التناحر الذي نصادفه غالبًا على مواقع التواصل الاجتماعي بين فئات شبابية، يصل حد السباب والشتائم والتخوين والتهديد إلا مؤشر بالغ الوضوح على حالة الاستلاب التي طالت الشباب العربي اليوم، مضافا لها الفشل الذريع لمنظومة التربية في البيت والمدرسة في إخراج جيل أكثر تقبلا للآخر وتفهما له وقدرة على التواصل معه مهما اشتد الخلاف من أجل استنهاض المجتمع والدولة.

ويبرز الوعي السياسي الصحيح ضمن مستويات متعددة، تبدأ بقدرة المرء على الاستقلال التام في تكوين آرائه ومواقفه السياسية، بعيدا عن التقليد أو التلقين أو التأثر. فصاحبه واع ومدرك لآرائه التي ينبغي أن تحوي قدرا كافيًا من الانسجام والتوافق، ثم اتخاذ مواقف محددة من القضايا السياسية المحلية والإقليمية والدولية، وأن يتحول ما يختزنه وعيه من معلومات، تتدفق بشكل مستمر إلى دائرة عمليات التفكير لديه بعد تحليلها، إلى سلوك سياسي يخرج من دائرة المراقبة إلى مرحلة تكوين المواقف ومن ثمّ البدء بتظهيره على شكل نقد اجتماعي.

ويصل المرء بعد ذلك إلى مرحلة البحث عن أفراد وجماعات تشاطره التوجه والرأي، فينسق معها وصولا إلى تشكيل جماعة ضغط يستطيع من خلالها أن يكون صوته أكثر تأثيرا ونفوذا في إصلاح المجتمع.

بدون وجود هذه المقومات اليوم عند غالبية الشباب العربي الذي تتبعثر قواه وتضيع طاقاته ويغرق في رفوف المشاكل الخاصة، فلا يمكن للأمة العربية الخروج من عين الإعصار الجارف للتاريخ والحاضر والمهدد للمستقبل في آنٍ.


الحياة مع أميركا مشكلة ومن دونها مشكلة أكبر

2016/12/11

د.عبدالعليم محمد

منذ فوز »دونالد ترامب« في انتخابات الرئاسة الأميركية، والعديد من الأسئلة تتوالى والكثير من الألغاز تقفز إلى الأذهان، وكذلك أيضاً العديد من المخاوف ومظاهر الغموض، ولم تقتصر هذه الأسئلة والألغاز والمخاوف على بعض الدول دون بعضها الآخر، أو على الدول الغربية الأوروبية دون بقية الدول، بل شمل ذلك كل الدول وكذلك مختلف دوائر البحث والتفكير والاستراتيجية.

يواجه العالم منذ ذلك الفوز غير المتوقع من قبل وسائل الإعلام واستطلاعات الرأي العام والمؤسسة الأميركية بشكل عام، السؤال المشكلة والإشكالي أولاً وهو ذلك السؤال المتعلق بهل يمكن للعالم الحياة من دون أميركا؟

بافتراض أن الرئيس المنتخب قد يتمكن من وضع مقترحاته وتصوراته موضع التطبيق خاصة ما تعلق بعزلة أميركا وانكفائها على ذاتها وتخليها عن مقتضيات الدفاع والتحالف مع حلفائها وأصدقائها إن في العالم العربي أو في أوروبا.

ولهذا السؤال وجه آخر يتعلق بما إذا كان العالم قبل »ترامب« قد عاش أزهى عصوره وأكثرها استقراراً وشهد دفعة قوية للقيم الديمقراطية والإنسانية والليبرالية مع هيمنة أميركا وسيطرتها على مجريات الأمور في النظام الدولي خاصة خلال هذين العقدين اللذين اقتربا من نهايتهما في القرن الحادي والعشرين، مع بوش الابن وأوباما وغيرهما؟

لقد اندفعت الولايات المتحدة الأميركية بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001 في حرب بلا هوادة على الإرهاب، أو ما اعتقدت الولايات المتحدة الأميركية أنه كذلك، ووفق التشخيص والتوصيف الذي اعتمدته للدول التي ترعى الإرهاب وتمثل مصدر تهديد لأميركا والعالم، حرب أفغانستان والحرب على العراق التي قامت على أكاذيب لا تزال أصداؤها تتردد حتى الآن.

ولا يزال صانعوها طلقاء وأحرار لم يمسسهم سوء وكأنه مجرد »كذب أبيض« لا يضر ولا ينفع، ولا يقدم ولا يؤخر، في حين أن الأكاذيب التي نحن بصددها دمرت دولاً ومزقت شعوباً وقتلت مئات الآلاف من الضحايا من المدنيين والأبرياء وقسمت الشعب الواحد إلى طوائف متناحرة ومتنابذة وانخرطت في صراعات عصفت بالنسيج المشترك والتاريخي الذي تشكلت في أحشائه هذه الطوائف وعاشت في كنفه مئات السنين.

ويرتبط هذان السؤالان أحدهما بالآخر، ولكل منهم مؤيدين ومعارضين، والقاسم المشترك بينهما يتمثل في أن العالم الذي يواجه الحياة بلا أميركا والسؤال المطروح حول كيف يمكن للعالم أن ينتظم وتستمر دورة الحياة فيه بلا أميركا، هو في حد ذاته الوجه الآخر للسؤال المتعلق بصورة العالم خلال الهيمنة الأميركية، خاصة خلال عقود نهاية القرن العشرين وعقود بداية القرن الحادي والعشرين.

فالتصور الأميركي للهيمنة والسيطرة على النظام الدولي أطلق العنان لمبادئ التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومنح الولايات المتحدة الحق في شن الحروب الاستباقية واهتزاز منظومة المبادئ والقواعد القانونية الدولية بل واعتبار أن القانون الأميركي هو القانون الدولي، كما ترى بعض المدارس والتيارات القانونية في الولايات المتحدة الأميركية، وفضلاً عن ذلك فقد همش حصاد كل ذلك التنظيم الدولي وفي مقدمته هيئة الأمم المتحدة.

والحال أن حصاد هذه المغالاة في الهيمنة والسيطرة بطريقة أحادية ترفض التعددية في إدارة العلاقات الدولية، قد خلق بمرور الزمن مضاعفات وتداعيات شتى إن للولايات المتحدة ذاتها أو للأطراف الصاعدة في النظام الدولي على غرار روسيا الاتحادية التي تعانى من اختراق الغرب لمجالها الحيوي من خلال حلف الناتو .

وكذلك الصين والبرازيل والهند وغيرها من الأطراف التي تشهد تراكماً لمصادر القوة التكنولوجية والعسكرية والاقتصادية وإن لم تتفوق حتى الآن على ما تمتلكه الولايات المتحدة الأميركية من موارد مادية وعسكرية وتكنولوجية.

فعلى صعيد الولايات المتحدة الأميركية عانى الأميركيون من جراء ارتفاع كلفة هذه الهيمنة والحروب التي دخلت فيها الولايات المتحدة الأميركية وعدم تناسب نتائجها في الواقع مع التكلفة الباهظة التي تحملها دافع الضرائب الأميركي.

كما أن صورة الولايات المتحدة كانت تتآكل بفعل الاستخدام المفرط للقوة وارتفاع عدد الضحايا من المدنيين وأيضاً الأميركيين ومعتقل »غوانتانامو« وغيره من الممارسات، من ناحية أخرى فإن هذه الهيمنة الأميركية لم تستطع مقاومة ظهور قوى أخرى دولية وإقليمية مارست نفوذاً متعاظماً في الأقاليم المختلفة في العالم.

ومهما كان الأمر فإنه لن يكون بمقدور أحد القطع بما إذا كان على العالم أن يعيش ويحيا بلا أميركا أو أنه سوف يعيش مع أميركا مرة أخرى وإن كانت مختلفة، فلكل من هذين الخيارين أدلة وحجج وتحليلات متعادلة تقريباً وقد يظهر الصراع والتفاعل بينها بصورة ترجح أحدهما على الآخر.

وفي جميع الحالات يبقى أن الحياة مع أميركا مشكلة والحياة من دونها يبدو كمشكلة أكبر.


بشار وحافظ والرصاصات الغادرة

2016/12/11

مازن حماد

يرسم بشار الاسد احلامه السياسية بطفولة ساذجة – او بسذاجة طفولية – تنكر عليه لقب رجل دولة، وتحرمه من مواصفات الرئيس المحنك او السياسي المجرب. وأعترف ان هذا الرجل، بمعناه البيولوجي، يستفزني اكثر حتى من نتانياهو.
لم أعثر فيه منذ توليه الحكم، بعد تعديل والده حافظ نصوص الدستور لإتاحة ما هو غير متاح، على اي خصال حميدة او عاقلة، ابتداء من سبة التوريث الى النهاية الكارثية للبلد الذي ائتمنا عليه، ابتداء من سموم الوالد ومذابحه ضد الشعب، الى الرصاصات الغادرة التي اطلقها بشار على صدور الناس العُزل لمجرد انهم طالبوا بالاصلاح.
لا يعجبني العبث بالامور وإعطاء الاشياء اكبر من حجمها او اكثر مما تستحق، لكن عناد بشار وتصلبه الغريب كشفا حسا غير وطني على الاطلاق، يدور حول عرشٍ ما، يستقر عليه وكرسي من ذهب او خشب لا فرق، يوجه من فوق ارجله المكسّرة أوامره وتعليماته القادمة من قم او طهران والموجهة اولا وأخيراالى 85 % من اهل سوريا، وهم الاغلبية السُنية المضطهدة التي تريد طهران ابعادها عن السلطة بأي ثمن.
حدث ذلك بالعراق ولبنان واليمن، ولكن ما دمنا لا نملك الكثير من المساحة، نكتفي الآن بالتأكيد على ان اطلاق مدافع المذهب الشيعي المسيس والمؤدلج على تقاليد وسنن هذه الدول جميعها لم يأت صدفة، بل هو جزء من خطة عدوانية شاملة للتوسع الجغرافي والسياسي، اعتقد شخصيا انها ستنتهي الى «قفا محمر» لكل الانقلابيين والعابثين بالتاريخ وحقوق البشر والحاقدين على الامة السنية التي لا بد ان تصحو وترد.
وعندما تحدث بشار الى احدى صحفه في دمشق عن «الربح» المتأتي من الاستيلاء على حلب بعد تدميرها حجرا حجرا وإسالة دمها نقطة نقطة مع السيد الروسي الذي لا يهمه ان يموت «العبيد»، أيقنّا ان «الرئيس» غارق في عسل اوهامه، خاصة عندما قال ان الحرب لا تنتهي باحتلال حلب، وإنما «تنتهي بالقضاء على الارهاب تماما، لأن الارهابيين موجودون في اماكن اخرى».
كاره مثل هذا لكل فرد سني في سوريا وغير سوريا، لا يحق له ان يحكم، لا هو ولا والده من قبله، فمنذ متى تحكم الاقلية الاغلبية؟ فهل على رأسيهما ريشتان مثلا، أم انهما من خريجي جامعات مرموقة، ام لعلهما مفكران او عالمان او حتى مثقفان إلا اذا اعتبرنا كثرة الرغي واللعب بالكلام.. ثقافة؟
أغفل بشار في حديثه أمورا مهمة، منها انه لا يقل إرهابا هو وزمرته، عن ارهاب داعش او الحشد الشعبي الشيعي، ومنها ايضا ان الحرب دخلت الآن فقط الفصل الثاني من الكتاب الاسود، وأن تحالفه السابق مع الدواعش سينقلب عليه في القريب العاجل، خاصة أن كبرى الجماعات الارهابية «المحسوبة على السنة» توحد صفوفها للانتقام من «عواصم إيران» الشيعية ومن الحشد الشعبي المتوحش الذي رأينا أفراده على اشرطة الفيديو ينزعون قلوب الموصليين بأيديهم ويأكلونها. نعيد ونكرر: لا نصْرَ ولا عدلَ سيتحققان في سوريا او العراق لسنوات لا يعرف مداها إلا الله!!


ما وراء التأخير بانتظار الحكومة اللبنانية

2016/12/11

حسين عطوي

توقع المراقبون في لبنان، على أثر انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية، ومن ثم تكليف الرئيس سعد الحريري بتأليف الحكومة الجديدة، أن تتم عملية تشكيل الحكومة وإعلانها في غضون أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة في أبعد تقدير، انطلاقاً من تقدير بأن الاتفاق بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر سيسهل الأمور وأن الأطراف الأخرى ليس لها مصلحة بإعاقة انطلاقة مسيرة العهد، لاسيما أن هناك حاجة ماسة للتعجيل بولادة الحكومة لإنجاز قانون الانتخاب وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد.
إلاّ أن ما جرى كان معاكساً لهذا التقدير، فعملية التشكيل لاتزال تواجه عقبات تحول دون إعلان تشكيل الحكومة رغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء الرئيس المكلف اتصالاته ومشاوراته مع الكتل النيابية الأساسية للاتفاق على الحصص والحقائب وفق ما نص عليه اتفاق الطائف بأن تكون الحكومة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين.
في المعلومات المعلنة، فإن الأسباب التي قيل إنها تحول دون الإعلان عن تشكيل الحكومة تكمن في الخلاف على الأمور التالية:
الأمر الأول: وجود مشكلة بشأن الحقيبة التي ستعطى إلى تيار المردة الذي يطالب بحقيبة خدماتية (الإشغال، أو الاتصالات، أو الصحة)، وأن رئيس مجلس النواب نبيه بري ربط مشاركة أمل وحزب الله في الحكومة بتلبية طلب الوزير فرنجية، وأبلغ الرئيس المكلف بذلك وقدم له حلاً بأن يعطى تيار المردة حقيبة التربية، وأن تبقى الأشغال من حصة أمل إضافة إلى وزارة المالية، رافضاً إعطاء الأشغال للقوات اللبنانية.. غير أن الرئيس المكلف الذي كان موافقاً في البداية على إعطاء المردة حقيبة التربية تراجع، وعرض بدلاً من ذلك حقيبة الثقافة، وهو أمر رفضه رفضاً مطلقاً رئيس تيار المردة.. الوزير سليمان فرنجية.
الأمر الثاني: عدم الموافقة على تمثيل الحزب القومي، والحزب الديمقراطي اللبناني، والقوى الوطنية في الطائفة السنية، انطلاقاً من أن الرئيس المكلف لا يريد ذلك، كون توزير هذه الأطراف سوف يزيد من الوزن التمثيلي للقوى المعارضة لتيار المستقبل في الحكومة.
الأمر الثالث: وجود اعتقاد بأن الرئيس المكلف يصر على أن تشكل الحكومة من 24 وزيراً بدلاً من ثلاثين، حتى يقطع الطريق على إمكانية توزير الأطراف الوطنية السالفة الذكر، ويضمن الحفاظ على التوازن في الحكومة في مصلحته عند مناقشة الملفات الأساسية موضع الخلاف بين تيار المستقبل وحلفاؤه من جهة، وبين القوى الأخرى المعارضة له من جهة ثانية.
والدليل على وجود خلاف على هذه الأمور اقتراح الرئيس بري في اللقاء الذي جمعه مع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في القصر الجمهوري، على هامش التهنئة بعيد الاستقلال، بالتكفل بإقناع الوزير فرنجية بحقيبة التربية، وكذلك إعلان رئيس التيار الوطني الوزير جبران باسيل بأن الحكومة حتى ولو كانت من 24 وزيراً فإنها تتسع لتمثيل القومي والمردة والقوى الوطنية في الطائفة السنية.
لكن مثل هذه المشكلات التي تواجه التشكيل ليست هي العقبة الأساسية التي تعترض إتمام الاتفاق على تشكيل الحكومة، ولو كانت فعلاً هذه هي المشكلات فقط لتم تدوير الزوايا وإيجاد حلول لها، إما عبر تأليف الحكومة من 30 وزيراً بحيث تحل مشكلة تمثيل جميع الأطراف المذكورة، أو توزيرها في حكومة من 24 وزيراً، عبر تنازل بعض الأطراف عن جزء من حصتها، كما حصل في مرات سابقة.
لهذا فإن الاعتقاد السائد بأن السبب الفعلي وراء تأخير الإعلان عن تشكيل الحكومة، والتذرع بهذه الأمور المذكورة آنفا، إنما يعود إلى وجود نية مضمرة، لدى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة والمتحالفين معه، تستهدف تمرير وإضاعة الوقت لإعاقة مناقشة قانون جديد للانتخابات يطالب أغلبية اللبنانيين بأن يكون على قاعدة التمثيل النسبي الكامل باعتباره السبيل لتصحيح التمثيل والإتيان ببرلمان يعكس تمثيل جميع شرائح المجتمع، وبالتالي إعادة تكوين مؤسسات الحكم بحيث تترجم تطلعات الشعب بالتغيير والإصلاح وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد المستشري في البلاد.
فمن المعروف أن الوقت المتبقي لدعوة الهيئات الناخبة لا يتجاوز الشهر ونصف، وإذا لم يتم تشكيل الحكومة قبل دخول لبنان في عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة فهذا يعني أنه إذا شكلت الحكومة بعد انتهاء عطلة الأعياد فإن الوقت المتبقي لم يعد يسمح بمناقشة وإقرار قانون جديد للانتخاب.. تجري الانتخابات على أساسه.. ما يضع اللبنانيين أمام خيارين لا ثالث لهما:
الخيار الأول: الذي يريده تيار المستقبل ومعه النائب وليد جنبلاط والقوات اللبنانية وغيرهم من القوى.. أن تجري الانتخابات في موعدها على أساس قانون الستين الحالي الذي يوفر لهم فرصة الفوز بنفس المقاعد النيابية التي حصلوا عليها في انتخابات عام 2009، مع احتمال خسارتهم بعض المقاعد من دون أن يؤدي ذلك إلى تغيير جوهري يضعف نفوذهم في السلطة التي سيعاد تشكيلها على أساس نتائج الانتخابات.
الخيار الثاني: في حال أصرت القوى الأخرى على رفض إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين، يكون التمديد مجدداً للبرلمان تحت عنوان تقني، لأن الوقت لا يسمح بإقرار قانون جديد والتحضير لإجراء الانتخابات على أساسه.


الكفاءة وحدها لا تكفي لقيادة الأمم المتحدة

2016/12/11

عبدالعاطي محمد

مع بداية عام 2017 يتسلم أنطونيو جويتريش مهام منصبه أمينا عاما للأمم المتحدة خلفا لبان كي مون. وكالعادة فإن الأنظار تتجه للقادم الجديد يحدوها الأمل في أن يحقق الرجل أهداف المنظمة الدولية في تحقيق السلم والأمن الدوليين والتنمية المستدامة للعالم أجمع. ولكن الآمال لا يجب أن تنطلق من فراغ، وإنما من وقائع، ولذلك فإن دور الأمين العام الجديد مثل كل الأمناء الثمانية الذين سبقوه مرتبط بما يجمعه من نقاط على صعيد سماته الشخصية وقدراته على القيادة من ناحية، ودرجة تعاون الدول الكبرى معه من ناحية أخرى.
الإشادة بالقادم الجديد إلى المبنى الزجاجي العتيق في نيويورك سواء من سلفه بان كي مون أو من ممثلي الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن ركزت على معيار الكفاءة للمنصب سواء من حيث وجود رؤية أو قدرات مميزة على القيادة الإدارية أو الدبلوماسية أو السياسية، أو الإصلاح والابتكار، فضلا عن المرجعية الأخلاقية والإنسانية. أي أنه باختصار الرجل المناسب في المكان المناسب.
ولكن توافر القدرات في شخصية أنطونيو جويتريش للاضطلاع بقيادة الأمم المتحدة وتميزه من هذه الزاوية قياسا مع كثيرين ممن سبقوه، إلا أن الشق الثاني من المعادلة التي تحكم دور الأمين العام، وهو مدى تعاون الدول الكبرى معه لاشك أنه موضع جدل ومناقشة ولا يبشر بأن مهمة الرجل ستكون سهلة أو أنه سيحدث اختراقا تاريخيا يسجل له في ما يتعلق بتغيير صورة المنظمة الدولية إلى الحالة المنشودة.
هو عمليا رمز المجتمع الدولي وبمقتضى هذه الوضعية يتحرك ويتصرف ليل نهار ضمن أهداف الأمم المتحدة ولتحركاته ومبادراته وزنها وتأثيرها الدولي الذي لا يمكن إغفاله. ولكن للعملة وجهها الآخر المناقض تماما لذلك، فهو أيضا وبنفس الدرجة خادم للعالم أو منفذ لما يتقرر من الأمم المتحدة. هو سكرتير للمجتمع الدولي وهذا الوصف هو المعنى الحقيقي لوظيفته وليس تعبير الأمين العام الذي يوحي دائما بأنه صاحب سلطات تنفيذية تعلو فوق سلطات رؤساء الدول.
ومن جهة أخرى فإن الوضع الدولي الراهن والذي يتسم بالصراع الصريح والمستتر بين الدول الكبرى الخمس في مجلس الأمن وبروز أدوار دول إقليمية عديدة تتحدى الكبار لا يشير إلى أن تعاون الدول الكبرى مع الأمين العام الجديد ممكن. يكفي الإشارة إلى الموقف العدائي الصريح للأمم المتحدة من جانب دونالد ترامب القادم الجديد إلى البيت الأبيض، مع الأخذ في الاعتبار أن الولايات المتحدة هي صاحبة النصيب الأكبر في تمويل ميزانية المنظمة الدولية (22 %). وبافتراض أن ترامب سيحسن علاقات بلاده مع روسيا بما يوحي بأن هذا التحسن سينعكس في تحسن تعاون الكبار داخل مجلس الأمن، إلا أن الأرجح هو اتفاق كل من روسيا والولايات المتحدة على العمل المشترك دوليا خارج نطاق الأمم المتحدة وليس داخلها. ويضاف إلى ذلك أن أوروبا منقسمة على نفسها وعلاقاتها ليست طيبة مع روسيا، وهكذا من الصعب التنبؤ بأن دولا مثل فرنسا وبريطانيا مستعدتان للم شمل القوى الخمس في مجلس الأمن. ما يزيد المشهد صعوبة هو أن الصين لاتزال حذرة ومتوجسة من حالة الوضع الدولي، وكذلك قدرة دول صاعدة على العمل المستقل مثل تركيا وإيران والهند.
لدينا إذن أمين عام جديد للأمم المتحدة تتوافر فيه معايير الكفاءة وبالقطع مفعم بالحماسة والتفاؤل مثل كل من سبقوه، ولدينا إجماع من الدول الكبرى عليه، ولكن بالمقابل لدينا وضع دولي لا يشير إلى رغبة جادة في التعاون معه. وعليه فإنه يواجه مهمة شاقة للغاية، وإذا أراد أن يحقق شخصيته فحتما سيصطدم بالخمس الكبار ووقتها يلقى نفس مصير بطرس بطرس غالي. ولأن التجربة القديمة ليست بعيدة عن ذاكرته ولأن المشهد الراهن ساخن ومكفهر تبقى فرص الرجل محدودة انتظارا لانفراج الوضع الدولي.


الفريضة الغائبة أمام الأطماع والنفوذ والاحتلال

2016/12/11

أسامة سرايا

لا يسع المرء المراقب لاجتماع القمة لدول مجلس التعاون الخليجي في المنامة إلا أن يرفع يده للتحية، أو كما يقول الغربيون القبعة، فقد ذهبت الدول الخليجية الست إلى القمة متحدة، وكانت قبل أن تذهب قد حسمت أولا أي خلافات داخلية، وأظهرت الوحدة ودعت الحليف البريطاني القديم والقوي الذي يفهم المنطقة لكي يحضر الاجتماع.
وبقي أن تحسم القمة باقي تحالفاتها مع دول المنطقة وتحديدا مصر، لأن التحالفات مع الأردن والمغرب قوية ومتصلة، ونجحت أخيرا الدول الخليجية في مؤتمر تونس لإعلان نيات قوي بأنها لن تتخلى عن أي دولة عربية حتى تقف على قدميها ويعود النظام العربي قويا، كما يبقي أن تحسم دول الخليج المواجهة والحرب المشتعلة باليمن، خاصة أن دول الخليج لن تتخلى عن الشعب اليمني ولن تقبل بوجود إيراني على حدودها، كما أن اليمن وشعبه هو المخزون التاريخي للعروبة والإسلام، ولن يقبل باحتلال إيراني بحجج مختلفة، وتعمير اليمن وإعادته إلى حياة مستقرة أصبح واضحا بلا أي لبس يتمثل في خروج عبد الملك الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح، أما الشرعية التي يمثلها الرئيس هادي فهي تسلم بحق اليمنيين في انتخاب رئيس جديد يمثل الكل ولا يلغي أحدا ويحمي اليمن من احتلال إيراني أو نفوذ تحت حكم أقلية باعت بلادها من أجل الحكم والتسلط، سواء كانوا ميليشيات صالح أو الحوثي.
هذا الوضوح الذي يستبق إدارة جديدة في واشنطن من اللازم أن يعلن، ويكون هناك شهود عليه وليس هناك شاهد أفضل من رئيسة وزراء بريطانيا حليفنا القديم وحليف الأمريكان الصادق الأمين، أما سوريا الغالية فإن العرب الأوفياء وفي مقدمتهم دول الخليج العربي الصادقة الذين يضعون القيم العربية والدينية في مكانة تسبق السياسة وألاعيبها يدركون أن التاريخ سيحاسب الكل، وأنه السؤال الكبير سيكون هل يبيع العرب سوريا؟
سوريا لن تكون صفقة على مائدة الطامعين، ويجب أن تظل سوريا لكل أبنائها وطوائفها المختلفة، ولكن من حق الأغلبية أن تحكم وتحتضن الأقليات كلها، كما أن سوريا لن تسقط في أيدي ميليشيا حوثية جديدة، أو في أيدي حزب الله أو أيدي إيران، كما لن تكون سوريا أداة للمقايضة بين روسيا وأمريكا لتسوية في القرم أو أوكرانيا.
والشرق الأوسط العربي ليس للبيع سواء لإيران أو تركيا أو روسيا، لأننا لم نكن محتلين من أمريكا وهي اليوم تتنازل عنا إلى روسيا أو الصين، التاريخ هنا لن يعود إلى أيام سايكس – بيكو أو مابعد الحرب العالمية الثانية، كل العالم الآن قد تحرر فلماذا يريد الطامعون في العرب وثرواتهم أن يفرضوا مناطق نفوذ وسيطرة جديدة، لأن العرب وقعوا فريسة لصراعات داخلية وطائفية جعلت الكل يتآمر على الآخر مستغلا البعد الخارجي، ولذلك نحيى كل المبادرات والإصلاحات الداخلية حتى نتفرغ للاطماع الإقليمية والدولية للسيطرة على البلاد العربية وتصفية عناصر قوتها تمهيدا لنوعية جديدة من الاحتلال والنفوذ، الذي يلغي هويتنا وسيادتنا على إقليمنا وبلادنا.
رسالة قمة الخليج تحافظ على وحدة الدول والإقليم للرد على التدخلات الخارجية وأطماع الدول الكبرى والإقليمية في السيطرة وإلغاء العرب في دولهم، وستحمي سوريا والسوريين ووحدة الدولة وكل أبنائها، ستكون رسالة قوية للتهديدات التي تواجه العراق ولبنان ونحن ندرك أن يقظة أبناء العراق وكل أحزابهم وطوائفهم قادرة على حماية البلاد من التدخلات والاحتلال الإيراني الذي يستغل الضعف الداخلي لفرض نفوذه، ولنا في السوابق التي واجهت العراق ما يساعدنا في الحكم على العراقيين الذين وقفوا عبر تاريخهم ضد كل مستعمر، والروح والقومية العراقية أقوى من استغلال إيران لبعض السياسيين الطامحين أو الطامعين في سلطة لا يستحقونها ويلعبون على الأوتار الطائفية، الذين سرعان ما يكتشفهم الناس والمجتمع ويسقطونهم، ولكن المهم الآن أن يبعث العرب والخليجيون برسالة اطمئنان ومحبة لكل العراقيين على انتماءاتهم وطوائفهم، وأولهم الشيعة العرب الذين يقعون بين مطرقة الأوضاع الداخلية واستقطاب إيران المخيف.
أما لبنان فقد استطاع جزئيا أو نسبيا الحفاظ على تماسكه، وما على العرب إلا أن يعودوا لدعم الجيش وصيغة التماسك القديمة المبنية على اتفاق الطائف ووحدة وتقاسم السلطة بين اللبنانيين، مع تغذية الروح العربية بين اللبنانيين وأنهم جميعا، مسيحيين وسنة وشيعة، نسيج واحد، وأن الوطن هو الباقي، وأن التدخلات الخارجية لن تكون مؤثرة على أحد، وأن تأثيرها مؤقت وسيتلاشي.
ويبقى أن دول المغرب العربي كلها في انتظار رسالة مودة وحب من الأشقاء في الخليج، لأنهم جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير، وأنهم لن يفرطوا في ذرة رمل واحدة سواء في المغرب أو المشرق، لأنهم إقليم واحد.
القمة الخليجية ترسل رسالة للعالم أجمع أن العرب ما زالوا أقوياء ولهم صوت واحد، وأنهم لن يتركوا الجزائر بعيدة، ولن يتركوا مصر وحيدة، ولن يتركوا ليبيا ضائعة، ووحدة الدول العربية في هذه اللحظة التي كشف فيها الجميع عن أطماعهم المخيفة لم تعد الفريضة الغائبة.


القادم أجمل إذا ارتفع سعر النفط وتعدل

2016/12/11

أحمد بودستور

قال الشاعر أبو الفتح البستي :
دع المقادير تجري في أعنتها ولا تبيتن إلا خالي البال
مابين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال
هناك عبارة تقول (المتفائل يجعل الصعاب فرصا تغتنم) ولعل نجاح مؤتمر منظمة الأوبك الذي عقد مؤخرا في الدوحة حيث تم الاتفاق على خفض يومي للإنتاج بمعدل 600 ألف برميل يوميا وسوف يكون الإنتاج بحدود 32.5 مليون برميل يوميا مما سيساهم في امتصاص جزء من الفائض بالسوق الذي يصل إلى مليوني برميل وسوف يساهم هذا الاتفاق في ارتفاع أسعار النفط والسعر المستهدف هو 60 دولار للبرميل مع نهاية سنة 2016.
وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي المهندس خالد الفالح عبر عن ارتياحه للاتفاق الذي تم التوصل له وتوقع أن يعود النمو في حصة أوبك بعد امتصاص الفائض من المعروض بالسوق وأكد أن الطلب العالمي على البترول سوف يرتفع بين مليون إلى مليون ونصف المليون برميل سنويا بالرغم من الحديث عن الاحتباس الحراري وغيره من المؤثرات وأشار إلى انخفاض الإنتاج من بعض المناطق المنتجة والقديمة نسبيا مثل المكسيك وبحر الشمال والصين وسيشكل ذلك فرصة للسعودية ودول أوبك بالإضافة للنفط الصخري أن يعوض هذا الانخفاض في حال تحسن الأسعار إلى ما فوق الـ 60 دولار للبرميل كما هو متوقع.
أيضا كشف مصدر مطلع في منظمة أوبك عن استعداد 21 دولة من خارج الأوبك لحضور اجتماع سوف يعقد في فيينا بعد عشرة أيام ومن ضمن هذه الدول روسيا وكولومبيا والكونغو وكازاخستان والمكسيك وسلطنة عمان وأوزبكستان وبوليفيا وأذربيجان ومملكة البحرين وغيرها وذلك لتحديد كميات خفض الإنتاج التي ستلتزم بها الدول من خارج المنظمة تضامنا مع دول أوبك وذلك بسحب 1.2 مليون برميل من الفائض في السوق العالمية ولو تم الاتفاق سوف ينعكس ذلك إيجابا على أسعار النفط وسوف ترتفع الأسعار قريبا .
كالعادة جمهورية إيران تمارس دور المشاكس والمشاغب فتكاد تكون الدولة الوحيدة من دول منظمة أوبك ترفض الالتزام بالاتفاق الذي توصلت له دول أوبك فهي دولة مارقة لديها التزامات مالية باهظة ليست للصرف على الشعب الإيراني وتحسين مستوى معيشته ولكن للصرف على مغامراتها العسكرية وحروبها العبثية التي تشارك بها التنظيمات الإرهابية التي تنفذ أجندتها ومشروعها التوسعي لإحياء الإمبراطورية الفارسية ولذلك هي تسعى إلى تخريب الاتفاق لأن نظام الولي الفقيه يعيش على تصدير أزماته الداخلية للخارج من خلال إثارة الفتن والحروب الطائفية في العراق وسوريا واليمن ولبنان والتدخل بالشؤون الداخلية لدول الخليج .
قبل شهر تقريبا اجتمع وزراء المالية في دول مجلس التعاون لمناقشة رؤية ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان حول إنشاء تكتل اقتصادي ضخم يعتبر ترتيبه السادس على مستوى العالم لأن دول الخليج ونقصد السعودية والكويت وقطر والإمارات تنتج 40% من الإنتاج العالمي في النفط و 15% من الإنتاج العالمي في الغاز ولابد من تشكيل هذا التكتل لأنه حتما سوف يدعم موقف هذه الدول السياسي والعسكري ويوفر فوائض مالية تسهم في تغطية التزامات هذه الدول المادية في حرب اليمن التي تحولت لحرب استنزاف وأيضا تغطية العجز في ميزانيات هذه الدول نتيجة انخفاض أسعار النفط وكذلك التزام تلك الدول بخطط للتنمية المستدامة من أجل رخاء ورفاهية مواطني تلك الدول وتوفير حياة كريمة لهم .
لايخفى على أحد أن السياسة والاقتصاد هما وجهان لعملة واحدة وإن كان هناك إخفاق في الاعلان عن الاتحاد الخليجي كما كان متوقعا في القمة الخليجية في مملكة البحرين فالتكتل الاقتصادي هو الأقرب للتحقيق في القريب العاجل لأنه هناك اتفاق عليه بمن فيهم سلطنة عمان.
إن إنشاء تكتل اقتصادي ضخم على غرار الاتحاد الأوروبي والسوق الأوروبية المشتركة بات مطلبا ملحا خاصة بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي واستعدادها لفتح السوق البريطاني للاستثمارات الخليجية وكذلك استثمار 30 مليار باوند في استثمارات في دول الخليج كما أوضحت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في كلمتها أمام القمة الخليجية التي عقدت بالمملكة البحرينية وأيضا هناك توجه أمريكي بعد استلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمنصبه في 20 يناير 2017 فهو يتطلع لعلاقات تجارية ضخمة مع دول الخليج لذلك هناك توقعات تدعو للتفاؤل في السنة القادمة .
حتما لايغيب عن لقاء القمة بين زعيمي الأمة خادم الحرمين الملك سلمان وصاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله أهمية التعاون الثنائي وأيضا تعاون دول مجلس التعاون في مجال الاستثمارات والمشاريع التنموية الكبرى وبحث التكتل الاقتصادي المقترح الذي بات ملحا من أجل تحمل فاتورة التنمية التي سوف تكلف مئات المليارات ولكن بوجود تكتل اقتصادي بالإمكان توزيع هذه الفاتورة على دول الخليج بشكل لا يرهق ميزانياتها التي عانت كثيرا من انخفاض أسعار النفط والالتزامات الدولية مثل تحمل تكاليف حرب اليمن ودعم المعارضة السورية وأيضا المشاركة في مؤتمرات المانحين للاجئين السوريين التي عقدت في الكويت والتي بسببها تم إطلاق لقب قائد الإنسانية على أمير الكويت والمركز الإنساني على دولة الكويت.
نعتقد أن القادم أجمل رغم الخراب والدمار الذي ينشره محور الشر الذي تقوده روسيا وحليفتها إيران في المنطقة وأذناب نظام الولي الفقيه مثل حزب الله وأنصار الله وبقية التنظيمات الإرهابية لأنه ببساطة هناك قادة حكماء في دول مجلس التعاون في مقدمتهم خادم الحرمين الملك سلمان وصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وبقية أشقائهم من قادة دول مجلس التعاون الذي يسير بخطى واثقة نحو الاتحاد الخليجي لما فيه مصلحة دول الخليج والمحافظة على استقرارها وأمنها وارتقاء ورخاء مواطنيها .


عشيّة التسوية السياسية للأزمة السورية

2016/12/11

صبحي غندور

أصبح مزيج الأمر الواقع على أرض سورية صراعاتٍ محلية وإقليمية ودولية، وحالات من الحرب الأهلية والعنف السياسي والطائفي والإثني، إضافة إلى وجود قوى تُمارس الإرهاب الدموي وتهدّد وحدة الشعب السوري، وأصبحت كل سورية أمام خطر الانزلاق إلى التشقّق وتفكيك الكيان والدولة والمجتمع. ولعلّ هذا المزيج السيىء من واقع الصراعات واحتمالات نتائجها ما يجعل نيران الحرب السورية مصدر خطرٍ كبيرٍ أيضاً على الدول العربية المجاورة لسورية، بل على كلّ دول المنطقة، إضافةً إلى مخاطر انتشار عناصر الجماعات الإرهابية في العالم كلّه.

ولم تكن هذه المخاطر كافية وحدها إلى دفع الدول الكبرى، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة وروسيا، للسعي الجاد لإنهاء الحرب السورية، ما لم تكن مصالح هذه الدول تتعرّض للضرر من جرّاء استمرار الأزمة. لذلك كان اللقاء الأخير بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره الروسي لافروف في روما يوم 2 ديسمبر، هو مقدّمة مهمّة لما صرّح به وزير الخارجية الروسي يوم 5 ديسمبر عن أمله «في التوصّل قريباً إلى اتفاق روسي – أميركي، ينهي قضية حلب وينصّ على خروج جميع المسلحين من المدينة». وقوله أيضاً «إنّ لدى موسكو ما يبعث على الأمل في نجاح الجهود الروسية – الأميركية من أجل إنهاء قضية حلب، وإعلان وقف إطلاق النار هناك وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين».

طبعاً، التوصّل إلى حلٍّ لما تعانيه مدينة حلب سيكون متزامناً مع إعادة إحياء مفاوضات جنيف وفق المضامين التي وردت في قرار مجلس الأمن 2254، وبحيث يكون التركيز العسكري بعد ذلك على مواجهة جماعات التطرّف (داعش والنُصرة) المصنّفة في قرار مجلس الأمن بأنّها «قوى إرهابية». وما سيجعل الأمر مختلفاً الآن عن الاتفاق السابق بين كيري – لافروف في سبتمبر الماضي هو ما حدث على الأرض من انتصارات عسكرية حقّقتها الحكومة السورية وحليفتها روسيا، حيث أصبحت المنطقة الشرقية من حلب ممهّدة كلّها لمصلحة القوات الحكومية السورية، وبالتالي فإنّ خروج المسلّحين المعارضين من حلب أصبح بحكم الاضطرار وليس بالخيار المرغوب به أصلاً.

إنّ الاتفاق الأميركي – الروسي في شأن مصير حلب سيدفع قُدماً بصيغة التسوية السياسية لأزمة سورية التي هي قضية حاضرة الآن في كلّ أزمات المنطقة، وحيث مصير الحرب المشتعلة فيها، أو التسوية المنشودة لها، هو الذي سيحدّد مصير الأزمات الأخرى. كذلك، فإنّ استمرار الحرب يعني استمرار التأزّم مع موسكو، ويعني مخاطر حرب إقليمية تشترك فيها إسرائيل وإيران ولبنان والأردن والعراق، إضافةً إلى التورّط التركي الكبير الحاصل في الأزمة السورية ممّا قد يؤدي إلى تورّط «الناتو» عسكرياً، وهو أمرٌ لا ترغب به ولا تقدر عليه الآن الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون.

وبعد ستّة أعوام تقريباً من المراهنات العسكرية في الأزمة السورية، فإنّ هذه المراهنات قد وصلت إلى طريقٍ مسدود، إذ لم تنجح الحكومة السورية كلّياً في إنهاء الأزمة من خلال حلّها الأمني الذي اعتمدته حين حدوث الحراك الشعبي السوري، كما لم تنجح قوى المعارضة التي اختارت عسكرة هذا الحراك الشعبي من إسقاط النظام، بل إنّ خيارها هذا أدّى إلى تصعيد العنف وإلى فتح أبواب سورية أمام قوًى مسلّحة متطرّفة ومنبوذة عربياً وإسلامياً ودولياً.

أيضاً، لا خيار أمام إدارة أوباما الآن إلّا السعي لتحقيق تسوية سياسية للأزمة السورية، إذ ليست واشنطن بوارد التدخّل العسكري المباشر فيها، ولا هي تثق بمصير السلاح الذي يمكن أن تقدّمه لبعض قوى المعارضة السورية في حال انعدام التسوية.

وقد أدركت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية أنّها لم تنجح في توظيف الأحداث الداخلية في سورية لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه بسياسات العزل والعقوبات في العقد الأول من هذا القرن، من دفع دمشق إلى تغيير تحالفاتها الإقليمية والدولية، خاصّةً لجهة العلاقة القوية مع موسكو ومع طهران، أو إلى وقف دعم المقاومة ضدّ إسرائيل في لبنان وفلسطين. فقد كانت سياسة واشنطن، في فترتيْ إدارة بوش الابن، ساعيةً إلى تغيير سلوك الحكم في دمشق أكثر من اهتمامها بتغيير الحكم نفسه، إذ أنّ معيار المصالح الأميركية هو الأساس بغضِّ النّظر عن طبيعة الحكومات هنا أو هناك.

كذلك، كانت هناك بعض المراهنات الدولية والإسرائيلية التي تحبّذ وترغب باستخدام تركيا في واجهة الصدام العسكري مع القوات الحكومية السورية، كاستكمالٍ لدور تركيا السياسي الحاضن لبعض قوى المعارضة السورية ولعناصر عسكرية متمرّدة على النظام السوري. وربّما كان في تقديرات هذا «البعض» أنّ ذلك مناسبٌ جداً لمواجهة تدخّل إيران لمصلحة حليفها السوري، بحيث يكون الصراع العسكري في المنطقة هو «إسلامي – إسلامي» و«عربي – عربي» من خلال ما سيحدث من فرزٍ بين دول وأطراف عربية وإسلامية داعمة لهذا الطرف أو ذاك.

هذه المراهنات وصلت حتّى الآن إلى طريقٍ مسدود، كما هو أيضاً الخيار بالحلّ العسكري عند كلّ طرف. فتركيا تزداد «تفهّماً» الآن للموقف الروسي، وهي تقيم علاقاتٍ جيّدة حالّياً مع موسكو ولا تريد المغامرة بمصالحها القوية مع الجار الروسي، بل أيضاً تجنّبت في السنوات الماضية أي مواجهة مع إيران أو أي تصعيد في الخلاف مع حكومة طهران.

صحيح أنّ العقبة الكبرى أمام أي صيغة تسوية سياسية جادّة للأزمة السورية هي في جماعات التطرّف المسلّحة على المستوى الداخلي، وإسرائيل ومن لديها من عملاء أو حلفاء على المستويين الإقليمي والدولي، لكنّ الظروف تتغيّر الآن، كذلك هو واقع القوى العسكرية على الأرض ومواقف الحلفاء الإقليميين. لذلك، فإنّ معالجة الأزمة السورية هي أولويّة لدى الرئيس أوباما، وقبل موعد رحيله عن «البيت الأبيض» في نهاية الشهر القادم. ففي وضع قطار هذه الأزمة على السكّة السليمة للحلّ السياسي، يضمن أوباما أيضاً النجاح في إنهاء الوجود الجغرافي لدولة «داعش» في سورية، بالترافق مع التقدّم في الحرب على «داعش» بالعراق، كما سيكون النجاح في ذلك كلّه «إرثاً سياسياً» مهمّاً للرئيس الأميركي قبل تولّي دونالد ترامب و«الجمهوريين» مقاليد حكم أميركا.

أميركا تحتاج إلى دعم موسكو في الملفّ السوري كما احتاجته في الملفّ النووي الإيراني، رغم الخلاف الكبير بين الغرب وروسيا حول المسألة الأوكرانية. فليس أمام واشنطن الآن بدائل مفيدة للمصالح الأميركية في حال فشل مشروع التسوية السياسية للأزمة السورية. أي هل سيكون الخيار البديل هو مزيدٌ من التصعيد العسكري في سورية، تحصد نتائجه روسيا أو قوى التطرّف الأكثر فعالية وسط المعارضة السورية، والتي تسعى للتمدّد إلى دولٍ أخرى كلبنان والأردن وباقي دول المنطقة؟. وهل لواشنطن وموسكو والقوى الإقليمية الكبرى مصلحة في تعاظم خطر الإرهاب «الداعشي» على العالم كلّه؟.

لا أرى أنّ هناك مصلحةً أميركية وروسية وإيرانية وتركية وعربية في استمرار التأزّم الأمني والسياسي الحاصل في سورية وعموم أزمات المنطقة. إسرائيل وحدها مستفيدة الآن من الحروب الأهلية العربية، ومن التجاهل الدولي والعربي الجاري الآن للقضية الفلسطينية. وإسرائيل فقط، ومن معها في الأوساط السياسية الأميركية، هي التي ترغب بتغيير خرائط المنطقة وتفتيت كياناتها الراهنة.


معارض مو تمام

2016/12/11

د. عالية شعيب

 

يقول ارسطو: حتى تعرف إقرأ ما تكره.

ويقول اوشو: الحياة تبدأ حين ينتهي الخوف.

ويقول فيثاغورس: يجمعنا العقل ويفرقنا الفهم.

إن تعمقنا في كل مفهوم، سنجد انه يبرز من خلال ما يعاكسه ويناقضه. فنعرف الأبيض من خلال الأسود. ونفهم الحرارة أكثر من خلال البرودة. ونكتشف قيمة الصدق من خلال تأمل الكذب وهكذا. أما لو كان المفهوم وحده لقل معناه وزاد غموضه. ومن هنا يتبين لنا أهمية تضارب المعاني وضرورة اكتشاف جوانبها الخفية. فما اعتدنا عليه لا يمكن أن يكون حدودا لمعرفتنا. لا بد أن يكون هناك المزيد. فالمعرفة قيمة عليا تسمو بها الإنسانية وينمو العقل وتتطور الشخصية. أما من يضع قيودا على عقله، فلا يمكن أن يتغير حاله. وأذكر دهشة الجميع حين أعلن عن اكتشاف بقية تماثيل جزيرة ايستر في بريطانيا. والمعروف أنها رؤوس ضخمة بارزة من الأرض. اكتشف لاحقا أن هناك أجساداً مكملة لها تحت الأرض. تخيلوا لو اكتفينا بالرؤوس فقط ولم نمتلك الجرأة الكافية للبحث عن المزيد… لا بد أن يكون هناك مزيد، في الحياة والعمل والحب والأمل والغد والأحلام والسلام والأخلاق. لا يمكن أن يكون ما لدينا الآن وما نعرفه حاليا كاف، وإلا اصبحث الحياة رمادية وباهتة.

قرأت منذ فترة مصطلح المعارضة الإيجابية، وجذبني تناقض المعنى وكل الكنوز الخفية فيه. فالمتعارف عليه أن المعارضة تعارض ما هو متداول. أحيانا لأغراض سياسية أو مادية أو فكرية أو وطنية. قد تتدخل فيها المصالح والنوايا البشرية التي لا تخلو من فساد أو أنانية، أما أن تعارض لهدف سامٍ أو لخير أعظم فهنا تكمن المفارقة. كأن تعارض من أجل توعية الناس أو تنبيه لخطر ما غلا عنه. أو تعارض من أجل الدفاع عن مظلوم أو إعلاء كلمة الحق أو إيقاف مد وتيار فاسد يجرف كل فضيلة وخلق معه.

الخلاصة أن تعارض لسبب منزه عن نفسك وما تصبو إليه من أهواء ومنافع. تعارض للآخر ومن أجل الآخر. سواء كان ناس أو وطن أو قيمة معنوية. أحببت مصطلح المعارضة الإيجابية وتمنيت لو يتبناه الناس ويفهموه أولا ثم يطبقوه.

يقال أن الأفكار هي ذواتنا مرتدية الثياب. فألبس أفكارك ثيابا تليق بها، لتظهر شخصيتك ويتمثل فكرك بالصورة الأجمل.

فلا يعقل أن تكون أنيق المظهر، رث الأفكار. ولا يعقل أن ترتدي في قدميك حذاء ماركة غالٍ، وفي عقلك حذاء بال لا قيمة له.